“لقد كان والدي يحب مشاهدة التلفاز. ولكن لم يكن بإمكانه مشاهدة القنوات العربية في دار الرعاية”.
من خلال عمل صباح كممرضة ومستشارة تدريب ومُدرسة في المركز الطبي الجامعي بأوتريخت (UMCU) اكتسبت خبرات كبيرة في قطاع الرعاية الصحية. ربما تعتقد أن ذلك سهَّل عليها مسألة توفير الرعاية المناسبة لوالدها. ولكنها للأسف واجهت كذلك صعوبات. حيث رأت والدها ينتكس في دار الرعاية، ويرجع السبب في ذلك جزئيًا إلى الاختلافات الثقافية. لقد كانت تجربة سيئة وحزينة لجميع أفراد العائلة. أما في الوقت الحالي، فإن صباح وابنها راغب يتوليان الأمر بنفسيهما، لأنه يجب تقديم خدمات الرعاية بشكل مختلف وبإمكانهما بالفعل القيام بذلك في المستقبل.
“لقد كان والدي رجلاً اجتماعيًا للغاية ومُحبًا للسَمَر ومقابلة الآخرين. وكان يسافر بانتظام إلى المغرب ذهابا وإيابا. وكان تواصلنا جيد. وكنت أرتب له جزءًا كبيرًا من أموره الإدارية وأمورًا أخرى. عندما لاحظنا أنه أصبح مُشوشًا، قمت بحجز موعد لدى طبيب الأسرة وطبيب الأعصاب لإجراء الفحوصات اللازمة. وقد كنت أنا المعنية بمتابعة رعاية والدي. وأظهرت الفحوصات أنه مُصاب بالخرف”.
التخلي عن المسؤولية
“لقد أجبرتني الظروف على التخلي عن الاستمرار في مُهمة رعاية والدي ونقل هذه المهمة بالكامل لغيري. وقد كانت حالته جيدة إلى حد ما خلال أول 5 أو 6 سنوات بعد التشخيص. ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى رعاية عائلتي له. في مرحلة ما أصبح والدي عدوانيًا وشكاكًا. ولم تعد العائلة قادرة على تحمل مسؤولية رعايته، وبدأت في البحث عن مكان مناسب لوالدي. في نهاية عام 2020، أدخلنا والدي إلى إحدى دور الرعاية. حيث أحضرنا والدي أخيرًا إلى “منزله” الجديد بكذبة صغيرة.
تجاهل طلب تشغيل قنوات عربية
“لقد كان أمرًا فظيعًا أن أرى والدي ينتكس وتتدهور حالته في دار الرعاية. وكثيرًا ما كنت أجده على متدليا على كرسيه شاردًا ومُتعبًا وشاحبًا ومخدرًا بسبب الأدوية. لقد كان والدي يُحب مشاهدة التلفاز، فسألت إن كان بإمكانه مشاهدة القنوات العربية. ولكن لم تتم تلبية الطلب. وبدأ والدي يذبل أكثر فأكثر. لم يكن يأكل حساءه الحلال، وكان عدد الجروح المفتوحة في جسمه يزداد لأنه كان يسقط كثيرًا. ولم يكن من الممكن أن نتحمل هذا الوضع أكثر من ذلك. وخلافًا لكل النصائح، أخذنا والدي إلى المنزل إلى أن تُوفي يوم 26 يونيو 2021. لا أتمنى أن يحدث ذلك لأي شخص آخر”.
إنشاء مركز رعاية سكني مُتعدد الثقافات بنفسي
“أريد تحويل تجربتي الشخصية مع إصابة والدي بالخرف إلى شيء إيجابي. ولذلك قمت بالتعاون مع ابني راغب بوضع خطة لإنشاء مركز رعاية سكني مُتعدد الثقافات للمهاجرين المُسنين المصابين بالخرف. وبحكم دراسة ابني راغب للاقتصاد، فقد تولى الجانب المالي. الأساس الذي نركز عليه هو توفير حياة جيدة لهؤلاء المُسنين. حيث إنهم يحتاجون إلى التواصل الثقافي والديني بدرجة كبيرة.
ونحن نجري حاليًا مناقشات مع بلدية تيل (Tiel) وجمعية الإسكان. أريد الاستمرار في تنفيذ دار الرعاية التي أحلم بها، ولكن من الصعب تقديم كافة الضمانات المطلوبة. أنا لا أيأس. وأود أيضًا أن أتعاون مع المجتمع المحلي. ولحسن الحظ، هناك المزيد والمزيد من الاهتمام بالخرف، وقد ظهرت مبادرات جميلة في أماكن أخرى أيضًا.”